الطريقة



تقوى الله تعالى وارتقاب المؤاخذة منه في الذنوب


وأوصيكم - وإيّايَ - بتقوى الله تعالى وارتقاب المؤاخذة منه في الذنوب ، فإنّ لكلّ ذنْبٍ مصيبتين لا يخلو العبد عنهما ، والمصيبة واحدة في الدنيا وواحدة في الآخرة . فمصيبة الآخرة واقعة قطعا إلاّ أن تقابل بالعفو منه سبحانه وتعالى.

 ومصيبة الدنيا واقعة بكلّ مَن اقترف ذنْبا إلاّ أن يدفعها وارد إلهيّ بِصَدَقَةٍ لمسكين أو صِلة رحِم بمال أو تنفيس عن مديون بقضاء الدَّيْن عنه أو بعفوه عنه إنْ كان له ، وإلاّ فهي واقعة . فالحذر الحذر من مخالفة أمر الله ، وإنْ وقعت مخالفة - والعبد غير معصوم - فالمبادرة بالتوبة والرجوع إلى الله ، وإنْ لم يكن ذلك عاجلا فليعلم العبد أنّه ساقط من عين الحقّ متعرّض لغضبه إلاّ أنْ يمنّ عليه بعفوه .

 ويستديم في قلبه أنّه مستجوب لهذا من الله فيستديم بذلك انكسار قلبه وانحطاط رتبته في نفسه دون تعذّر . فما دام العبد على هذا فهو على سبيل خير. وإيّاكم ، والعياذ بالله ، من لباس حلّة الأمان من مكْر الله في مقارفة الذنوب باعتقاد العبد أنّه آمن من مؤاخذة الله له في ذلك ، فإنّ مَن وقف هذا موقف بين يدي الحقّ تعالى ، ودام عليه ، فهو دليل على أنّه يموت كافرا والعياذ بالله تعالى . 

وما سمعتم من الخاصيّة التي في الورد فهي واقعة لا محالة ، وإيّاكم والتفريط في الورد ولو مرّة في الدهر ، وشرط الورد المحافظة على الصلوات في الجماعات والأمور الشرعيّة . وإيّاكم ولباس حلّة الأمان من مكر الله في الذنوب فإنّها عين الهلاك ، وترْك المقاطعة مع جميع الخلق ، وآكد ذلك بينكم وبين الإخوان ، وزوروا في الله وواصلوا في الله وأطعموا في الله ما استطعتم في غير تعسير ولا كدّ ،

وعليكم بالصبر في أمر الله فيما وقع من البلايا والمحن فإنّ الدنيا دار الفتن ، وبلاياها كأمواج البحر ، وما أنزل الله بني آدم في الدنيا إلاّ لمصادمة فتنتها وبلاياها ، فلا مطمع لأحد من بني آدم في الخروج عن هذا ما دام في الدنيا ، والصبر بحسب أحواله ، كلٌّ على قدر طاقته ووسْعِه ، واعملوا في نفوسكم سلوة إذا نزلت البلايا والمحن بأحدكم فليعلم أنّ لهذا خلقت الدنيا ولهذا بُنِيَت ، وما نزلها الآدمي إلاّ لهذا الأمر ، وكلّ الناس راكضون في هذا الميدان ، فليعلم أنّه كأحدهم مُساوٍ له 

واعلموا أنّ الذنوب في هذا الزمان لا قدرة لأحد على الانفصال عنها ، فإنّها تنصبّ على الناس كالمطر الغزير ، لكن أكْثِرُوا من مكفّرات الذنوب ، وآكد ذلك صلاة الفاتح لما أغلق الخ ، فإنّها لا تترك من الذنوب شاذة ولا فاذة ،

 وكصلاة التسبيح ، وممّا هو في هذا المعنى ، يلازمه الإنسان كلّ يوم ثلاث مرات : ( اللهمّ مغفرتك أوسع من ذنوبي ورحمتك أرجى عندي من عملي ) . وكذلك وظيفة اليوم والليلة ، ( لا إله إلاّ الله و الله أكبر لا إله إلاّ الله وحده لا إله إلاّ الله ولا شريك له لا إله إلاّ الله له الملك وله الحمد لا إله إلاّ الله ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم ) . وكذلك دعاء السيفي ، لمن يقدر على حفظه . وكذلك هذا الإستغفار : ( اللهمّ إنّي أستغفرك لما تبت إليك منه ثمّ عدت فيه وأستغفرك لما وعدتك من نفسي ثمّ أخلفتك فيه وأستغفرك لما أردت به وجهك فخالطني فيه ما ليس لك وأستغفرك للنعم التي أنعمت عليّ فتقوّيتُ بها على معاصيك وأستغفر الله الذي لا إله إلاّ هو الحيّ القيّوم عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم لكلّ ذنب أذنبته ولكلّ معصية ارتكبتها ولكل ذنب أتيت به أحاط علم الله به ) . وكذلك دعاء : ( يا من أظهر الجميل وستر القبيح الخ )

إرسال تعليق

0 تعليقات